تاريخ العلوم العربية : مشروع رشدي راشد نموذجاً

يحاول الكاتب في هذه المقالة تتبّع أثر أعمال رشدي راشد في تغيير النظرة لمكانة ودور العلوم العربية في مسيرة العلم الإنساني، وبالتالي تأثيرها في تغيير الثقافة الأوروبية والعالمية التي كانت تتبنى عقيدة " الانتماء الغربي للعلوم "، وما تعنيه من حصر العلم في قمتين حضاريتين هما الحضارة اليونانية والحضارة الأوروبية الحديثة، مع إغفالٍ شبه كامل ومشوّه لدور الحضارة العربية الإسلامية بينهما. مما أدّى إلى عودة الاهتمام بالعلم العربي وبيان مواقع أصالته وتميزه، وأثر المناخ الاجتماعي في المدينة الإسلامية عليه. وبيان عالمية العلم العربي بمصادره وامتداده الجغرافي والثقافي ولغته العربية.

مشروع رشدي راشد عبارة عن تصميم وخطة ووسائل تنفيذية لمواجهة عقيدة الانتماء الغربي للعلوم، ويبين الكاتب أثر هذا المشروع في الثقافة الغربية والعالمية، وكيف يمكن أن يحتل موقعه في الثقافة العربية.


المطّلع على حجم أعـمـال أ. رشـدي راشـد ونشاطاته في تاريخ العلوم وفي الفلسفة، يعلم جيداً أن أي مقال يهدف إلى الإحاطة بهذه الأعمال سيأتي ناقصاً، بل مشوهاً، لما تشكّله من إنجاز على مستوى العلم والفكر والثقافة. كانت هذه ردّة فعلي عندما شرفني مركز دراسات الوحدة العربية بتكليفي بكتابة مقال تحت هذا العنوان. ولَشَدّ ما كان ارتياحي بعد أيام قليلة عندما وقعت على قول لأحد كبار المفـكـريـن فـي الـريـاضـيات وتاريخها وفلسفتها، المدير السابق لأرشيـف بـوربـاكـي (Bourbaki)، في جامعة باريس، أ. كـريـسـتـيـان هوزيل (Christian Houzel) نسوقه كما هو: " التعريف بأعمال رشدي راشد في تاريخ العلوم، بصفحات قليلة هو مهمة مُرعبة؛ ولا يمكن إيجاز مجموعة لها مثل هذا الاتساع أو الاكتفاء بتحليلها من حيث تسلسلها الزمني من دون المخاطرة بالإفساد التامّ لمعناها